تخطى إلى المحتوى

طب نفس كبار العمر

الخرف

الدماغ هو من الأنسجة التي لا تتجدد إجمالا، باستثناء منطقة محددة صغيرة جدا في مركز الذاكرة في الدماغ، وهو المتحكم في جميع ما نقوم به، ابتداء من اتخاذ القرار، مرارا بالحركة والكلام، وانتهاء بالوظائف الحيوية مثل التنفس والأكل والشرب.

بعد عمر معين، كثيراً ما يحدث اضمحلال في خلايا الدماغ، بمعنى أن كمية الخلايا التي تموت في الدماغ تكون كبيرة لدرجة أن حجم الدماغ ككل يبدأ بالانكماش ويبدأ يصغر.

في الخرف، يحدث اضمحلال في خلايا الدماغ وانكماش بحجمه وهذا يحدث تدهور في جميع القدرات العقلية، بشكل مستدام. عادة أول ما يتأثر في وظائف الدماغ هو الذاكرة، ثم تتدهور الوظائف الأخرى… التركيز، التوجه *، وتطرأ تغيرات على الشخصية، وقد تحدث هلاوس وأوهام، ثم يحدث تدهور في القدرة على الكلام، ثم في الأكل والمشي ثم نهاية في التنفس، ثم يحدث الموت.

في الفترة التي يعاني بها الإنسان من الخرف قبل الوفاة فإن الإنسان قد يكون عرضة لما يلي: السرقة، التحرش، السقوط، حوادث السير بأشكالها، الحرائق، عدم الاهتمام بالهندام، عدم الأكل والشرب الجيدين، وعدم الالتزام بالأدوية الموصوفة، وضلال طريق البيت.

بسبب ضعف الذاكرة والتركيز وأحيانا وجود الهلاوس والأوهام، وبسبب تدهور القدرة على الحكم، فإن المريض قد يقوم غير قاصدا بجرائم مثل التحرش بالأطفال جنسيا، كشف العورة في الشارع، لإضرام النيران، القتل…

هناك أنواع كثيرة من الخرف، فهناك ما يسمى الخرف المبكر: الذي هو نسبة قليلة جدا من كافة حالات الخرف، حيث أن الإنسان في هذه الحالة يصاب بالخرف وهو في مرحلة الشباب، أي تحت عمر 65 سنة، وهذا ليس موضوعنا الآن.

أما بالنسبة للحالات التي يحدث فيها الخرف في مرحلة الشيخوخة، فهناك أنواع، لكن من أبرزها ما يلي:

خرف ألزهايمر

الخرف الوعائي

الخرف المركب

خرف باركنسون

خرف أجسام لوي

خرف ألزهايمر

من أكثر أنواع الخرف شيوعاً، وهو إجمالا مرتبط بتقدم العمر والعامل الوراثي وبإهمال التحفيز الحسي والجسمي للإنسان.

فكلما زاد الإنسان في العمر، خاصة فوق عمر 65 سنة، وكلما كان هناك عامل وراثي لدى جيناته يساعد بالإصابة بخرف الزهايمر، وكلما ابتعد الإنسان عن الأحباب والرياضة والأنشطة الممتعة زادت احتمالية إصابة الأنسان بخرف ألزهايمر، الذي يصيب أول ما يصيب الذاكرة مع احتفاظ الإنسان بشكل عام بقدراته الحركية.

يلاحظ لدى مرضى الخرف، أن حجم دماغهم يصغر، وكذلك يلاحظ هناك تراكم لبروتينات مثل:

بيتا أميلويد بالإضافة إلى بروتين تاو.

الملاحظ هو أن الناقل العصبي أستيل كولين يقل بشكل كبير في مرضى ألزهايمر لذلك أدوية الخرف تركز على ألا يتكسر الناقل العصبي أستيل كولين بشكل سريع.

الأدوية التي تعطى لمرضى الخرف إجمالا لا تشفي منه، وإنما تخفف من أعراضه، وتؤخر التدهور التدريجي الذي سيدخل فيه مريض الخرف عاجلا أم آجلا.

يمكن للإنسان نسبيا تأخير الإصابة بالخرف أو حماية نفسه منه إذا كانت لديه العديد من الهوايات، وكان يتواصل مع الكثير من الناس الذين يحبهم وإذا كان يمارس النشاط الجسدي بانتظام.

الخرف الوعائي

إذا أصيب الإنسان بعدة جلطات دماغية، فإن الشلل في أعضاء الإنسان قد يحدث، ولكن من أكثر ما قد يحدث هو ضعف الذاكرة والتركيز.

الخرف الوعائي يشبه خرف ألزهايمر إلا أنه لا يمكن تشخيص الخرف الوعائي إلا بمعرفة أنه هناك جلطة أو أكثر أصابت الإنسان ، فأدت إلى أعراض الخرف.

من أكبر ما يمكن أن نحمي به مريض الخرف الوعائي هو أن نحميه من جلطة ثانية.

الخرف المركب هو أن يصاب الإنسان بالخرفين السابقين سوية.

خرف باركنسون

إذا كان لدى الإنسان نقص في مادة الدوبامين، وليس زيادة، في مناطق معينة من الدماغ، فإن الرعاش والتخشب والصعوبة في الحركة كلها قد تحدث، وبالتالي قد يشخصه طبيب الأعصاب على أنه شلل رعاشي.

Parkinson’s Disease

في الحقيقة تشخيص مرض باركنسون هو تشخيص يتم بالأصل لدى طبيب الأعصاب، لكن العديد من مرضى باركنسون تضعف لديهم الذاكرة، ويهلوسون لدرجة أن تعاون طبيب الأعصاب مع الطبيب النفسي يصبح أمراً مهماً.

الملاحظ في خرف باركنسون هو أن البروتين ألفا سينوكيولين تتطرأ عليه تغيرات غير طبيعية الأمر الذي يظهر المرض.

خرف أجسام لوي

هو نوع من أنواع الخرف المشابهة لخرف باركنسون ولكن ما هو ملفت للنظر أن هذا النوع من الخرف تطرأ عليه أعراض الخرف والهلاوس عادة بشكل واضح ثم بعد أكثر من ستة شهور تصبح هناك أعراض الاضطرابات الحركية.

الملاحظ في خرف أجسام لوي هو أن البروتين ألفا سينوكيولين تتطرأ عليه تغيرات غير طبيعية الأمر الذي يظهر المرض، وهو يشترك مع خرف باركنسون في هذا الأمر.

مرض الخرف بشكل عام تكلف الدول مبالغ طائلة للحفاظ على حياة كريمة للمعمرين.

قريبا في دولة مثل بريطانيا سيكون هناك حوالي مليون إنسان يعانون من مرض الخرف.

هناك نوع من أنواع الخرف يصيب المدمنين على الكحول وهو غير شائع في الدول الإسلامية إجمالا.

الخرف تحدي حقيقي للبشرية لأن العالم المتقدم يشيخ بمعنى أن نسبة من هم في سن 65 سنة كبيرة في مجتمعات العالم المتقدم، بسبب تقدم الطب وتحسن التغذية.

مريض الخرف يحتاج الأدوية اللازمة، الرعاية التمريضية اللازمة، والعلاج الوظيفي الذي يساعد المريض في عدم فقدان المهارات التي يمتلكها ليخدم نفسه، وكذلك، يحتاج الرعاية البيتية والعائلية، وكذلك القائمين على خدمته في البيت يحتاجون مساعدة في رعايته.

وجود مريض الخرف في بيت مسنين يراعي الوضع الصحي للنزلاء، ليس دائما فكرة فيها عقوق للوالدين، بل على العكس قد تكون فكرة فيها بر بالوالد، لأن وجوده مع ممرضين متخصصين، وطاقم طبي كامل لخدمته ومعالجين وظيفيين متخصصين، مع زيارات الأهل المنتظمة، كل هذا يصب في صالح مريض الخرف.

——————————————————-

استطالة العمر

 -آفاق وتحديات-

 

بقلم الدكتور: أحمد السالم

١١ فبراير ٢٠٢٣

 

بكل بساطه، طول العمر بالأصل هو أمر جميل و محمود، لأن الحياه نعمه من الله عز و جل. 

لكن كيف حدث كل هذا؟

 

نقرأ في الاديان أن أنبياء الله عاشو مئات السنين، و نقرأ في المخطوطات السومريه ان الناس قبل الطوفان كانوا      يعيشون مئات السنين، لكن ألا يشير ذلك إلى ان الجسم البشري مصمم ليعيش سنوات طويله؟ 

 

على اي حال، عرفنا ان متوسط عمر الانسان كان ٤٠ سنه في القرن التاسع عشر، فصحيح انه كان هناك وقتها الكثير  من   المعمرين  الذين

تخطت أعمارهم السبعين و الثمانين، إلا أن الأوبئه مثل المالاريا كانت تقتل الكثيرين في عمر الثلاثة سنوات و  الأربعة سنوات. 

 

متوسط عمر الانسان في القرن العشرين ارتفع ليصل الستينات ، و في هذا القرن، في بعض الدول المتقدمة،   هناك  توجه لأن يصل معدل عمر الانسان لأعلى من مئه سنه. القصة ان الخيوط الاساسيه، المتعلقة بطول العمر بدأ يتم فكها. 

 

  • لو اخذنا رجلاً في الستين يدخن و لديه ضغط و سكري غير منضبطين، و قارناه برجل آخر في ذات  العمر لكن  لا يدخن و ليس لديه ارتفاع ضغط أو سكري، فاحتمالية وفاة الاول في السنوات الخمس القادمه ضعف احتمالية وفاة الثاني. 
  • لو كان ذات الرجل الاول في وحده شديده، فاحتماليه وفاته تضاعف عشرة مرات مقارنه بالرجل الذي لا يدخن و   ليس لديه ضغط او سكري و ليس وحيداً.
  • و ذات الرجل الاول الوحيد، الذي ليس لديه أهداف واضحه في الحياه، و يعاني الضغط و السكري غير    المنضبطين، و يدخن، فاحتمالية وفاته تتضاعف ٣٠ مره عن نظرة الذي يحيا حياه صحيه خالية من الأمراض و غير وحيد و لديه اهداف.
  •  
  •  

محرك البحث جوجل، أطلق مشروعاً يسمى Calico، شعاره ان يجعل الانسان قادراً على العيش للأبد، و لكن    القائمين عليه يقولون: علينا ان نحاول ان يحيا الانسان حتى ١٥٠ -٢٠٠ سنه، و هذا ليس صعباً، حيث ان الشخص اذا وضع على جدول رياضي، و غذائي و التزم على فحوص و ادويه صحيحه، و تم استباق اصابتهم بالسرطان بشكل وقائي، فالبشر    يعيشون   حياه اطول. 

 

 

يا ترى، ما اثر ذلك على البشر؟

 

 

اولاً: عدد من يعانون الشيخوخه و الخرف و الوحده بازدياد، ان لم يتم التعامل مع الموضوع بحكمه.

 

ثانياً: تراكم الثروه في أيدي طويلي العمر ( العمر سيصبح أعلى)، فالميراث و الوفاه سبب مهم من اسباب توزع الثروة في المجتمع. 

 

ثالثاً: سن التقاعد سيتم دفعه لأكثر فأكثر . 

 

رابعاً: تأخر سن الزواج الأول، فكان عمر الزواج سابقا في القرن التاسع عشر عند سن 19 سنة، أما الان فيتأخر أحيانا ليصل 30 لدى النساء و 40 لدى الرجال. فنلاحظ أن التركيز على الطموح الفردي والدراسي والأمان المالي أصبح أولوية ليس فقط للرجال وإنما للنساء كذلك.

 

خامساً : سنوات الدراسه يبدو انها ستظل في ازدياد على الراغبين في ازدياته للعلم. 

 

سادساً: الامراض المزمنه، مثل السكري والضغط، و الاكتئاب، سيزداد تشخيصها. 

 

سابعاً: خصوبة المرأة اصبحت لفتره اعلى، ففي السابق كان ، ضروريا ان تتزوج المرأه و هي في العشرينات او ما   قبل ذلك لان قدرتها على الانجاب بعد عمر ٣٥ سنه تصبح اقل، اما الان المشهد الاجتماعي و العاطفي و الجنسي كله اختلف،    فنلاحظ شركات تجميد البويضات، و عمليات IVF،( اطفال الانابيب) منتشره و تمكن المراه من الانجاب و هي حتى في الاربعينات. 

 

ثامناً: طويل العمر الثري، قد تصبح لديه قدره اكثر و اكثر على الانجاب و الزواج من اكثر من زوجه. 

 

تاسعاً: تكلفه الرعايه الصحيه ستضرب ارقاماً غير مسبوقة عالية جداً.

 

عاشراً: الرحلات السياحيه و السفر بهدف الترفيه سيكون امراً كثيراً و شائقاً اكثر. 

 

الحادي عشر: زراعه الاطراف الصناعيه و الاعضاء الصناعيه سيغدو امراً اكثر شيوعاً، وكذلك عمليات التجميل. 

 

الثاني عشر: عمر الشباب سيبدأ من ١٥ سنه، و لكن ربما لن ينتهي  بعمر ٦٥ سنه، فإذا كان ابن الستين قادراً  على العمل والركض و رفع الاثقال، فهو ليس شيخاً، ربما يوما ما ستبدا الشيخوخه في عمر ٨٠ سنه، و ليس ٦٥ سنه. 

 

الثالثه عشر: عدد و نشاط المؤسسات الخيريه و الإغاثيه سيزيد بشكل غير مسبوق. 

 

الرابع عشر: ممارسة الجنس فيما قبل الزواج و الخيانات الزوجيه ستضرب ارقاماً غير مسبوقة. 

 

الخامس عشر: جمعيات حقوق الحيوان و حماية الطبيعه ستسجل ازدياداً كبيراً.

 

السادس عشر : النشاطات الترفيهيه و السياحيه و الحفريات الاثريه ستسجل ازدياداً كبيراً.

 

السابعه عشر: انتقال الانسان من وظيفه لاخرى و من نشاط لآخر سيصبح امراً منتشراً.

 

ختاماً، نتمنى للقارئ الكريم عمرا مديدا سعيدا…