اضطرابات نفسية

دماغنا و كيف نعتني به

في السابق كان ينظر للدماغ على أنه عضو مكون من خلايا ،

و بمجرد فهم تلك الخلايا فإننا نفهم الدماغ لكن فهمنا للدماغ أخذ بالتغيير

خلال السنوات اللاحقة حيث بدأ العلماء يفهمون الدماغ بناء على أسس أخرى فصاروا يقولون:

الدماغ عبارة عن قطع (فصوص) كل فص هو تجمع هائل من الخلايا العصبية المتشابكة و هذا يشبه

تصورنا للكمبيوتر اللوحة الأم ، كارت الشاشة ، كارت الصوت ، الذاكرة وهكذا.

التصور الأول و الثاني كان يولي أهمية قصوى للخلية العصبية و هذا أمر حكيم ،

لكنه ليس كافياً فالآن العلم صار ينظر للدماغ على أنه مجموعة من خلايا عصبية متشابكة. القوة الفاعلة المطورة والمحركة للدماغ هي ال Connectome ، أي وحدات الاتصال العصبي التي تجمع عدة خلايا من أكثر من فص!

لكن ما أهمية هذا التصور ؟

أهميته هو أنه تصور عابر للفصوص يعطي انطباعاً مفاده ما يلي:
لو تدهورت مجموعة من الخلايا في القدرات والوظيفة و أدى ذلك لضمورها فهذا سيؤثر ليس فقط على

الخلايا في محيطها و لكن على معظم الدماغ لأن الدماغ مرتبط بـــ Connectomes –

التي هي تشابكات عصبية متكتلة ولو كان الأمر معكوساً فهناك تحسن و ازدهار لبعض الخلايا في الجسم

وثبات في الأخرى فإن هذا الازدهار سينعكس على معظم الدماغ المتشابك المترابط

وهذا ما يحدث في علاج الإكتئاب و في الرياضة وفي الغذاء الجيد و الصلاة الجيدة التأمل الجيد

و الحفظ و العلاج الوظيفي كلها علاجات للدماغ لأن الدماغ وفق تصور التشابكات العصبية التكتلية أصبح تقريباً وحدة واحدة ينتعش أو يضمر بقابلية مرنة متفاعلة.

إذا قلنا أن الرياضة تدعم السيروتونين و الأدرنالين في الدماغ فنحن بذلك نقصد مسارات طويلة في الدماغ

فمسار الدماغ الخاص بالأدرنالين يبدأ من نواة في نخاع الدماغ و يمتد ليصل معظم مناطق القشرة الدماغية و جهاز المشاعر
وكذلك الحال بالنسبة للصلاة ، التأمل و التعرض لأشعة الشمس وغيرها من السلوكيات

التي تحسن سريان السيروتونين في الدماغ فمسار السيروتونين في الدماغ طويل كذلك

و يندفع السيروتونين فيه بسرعة يحسن به أداء معظم الدماغ.

الإلتقاء بمن نحب كذلك يزيد تدفق السيرتونين في دماغنا.

الأكل و النوم الصحي أمران مهمان للدماغ حيث أن

النوم الصحي ينقسم قسمين :

نوم حركه العين السريعة الذي يأخذ الدماغ فيه الفرصة ليعيد تصنيع مواده الكيميائية

و ليتخلص من التشابكات العصبية القديمة فيمتد ويبني تشكيلات جديدة

فالنوم الصحي أمر في غاية الأهمية للدماغ ليعيد تهيئة نفسه ليوم جديد و القسم الثاني نوم حركه العين غير السريعة ففيها يقوم الجسم بتصنيع المواد التي يحتاجها و يقوم بالنمو و هكذا ليهيئ نفسه ليوم جديد.

لكن كيف نعرف إن كان نومنا صحياً أم لا ؟ ببساطة إن كان النوم مريحاً لمدة تربو على ٧ ساعات

بدون تقطع وببعض الأحلام اللطيفة فهذا للبالغ أمر محبب و مفيد ، فبتلك الحالة

يكون الدماغ قد أصاب حاجته من النوم الصحي.

أما الأكل الصحي

فقصته مختلفة ، فإن كان الأكل طازجاً متوازناً فيه كمية معقولة من

الكاربوهايدرات و كمية جيدة من البروتينات و الماء و الأملاح المعدنية والفيتامينات

فهذا يمكن الدماغ من تصنيع ما يحتاجه من نواقل عصبية مطلوبة وهذا طبعاً إن كانت

الإنزيمات التي تصنع النواقل العصبية موجودة.

لنفهم هذا الكلام أكثر فعلينا فهم هذه المقولة: ‘الموز يزيل الإكتئاب’

و هذه جملة صحيحة وخاطئة بنفس الوقت ، فمعروف أن الناقل العصبي سيروتونين يتكون بالأصل من تريبتوفان البروتين

الموجود في الموز لكن هل تناول الموز يرفع من سرعة السيروتونين في الدماغ ؟

هذا يعتمد لو كان أعطينا الدماغ كمية كبيرة من ترتيوفان جلبناها من هضم الموز فان ترتيوفان

يحتاج لإنزيمات عدة ليتحول للسيروتونين ، أما إن لم تكن تلك الإنزيمات موجودة يبقى تريتوفان كما هو ويبقى الإكتئاب كما هو

إذن هل يزيل الموز الاكتئاب ؟ نعم إن توافرت بكمية كافية في الدماغ الإنزيمات التي تصنع السيروتونين من تريتوفان.

حسناً ، إن تناول الشخص المواد الغذائية بشكل جيد و نام نوماً مريحاً و تعرض للشمس

ولعب الرياضة وإلتقى أحبابه و مارس التأمل و الصلاة هل يكفل ذلك إنتاج السيروتونين وأدرينالين و غيرها في دماغه ؟

بالطبع لا هذا يتوقف على تواجد الأحماض الأمينية و الإنزيمات التي تحول المواد الغذائية

البسيطة لنواقل عصبية تقوم بعملها لإزالة القلق والإكتئاب.

طيب ماذا يفعل الطبيب النفسي لحل المشكلة :

وجود شخص مكتئب أو قلق

وملتزم على الرياضة و يأكل جيداً كيف يحل الطبيب هذه المشكلة لمن يعاني الإكتئاب ؟ يحلها عن طريق الدواء أو جلسات العلاج النفسي أو بكليهما سويةً.
مراجعه الطبيب النفسي الذي لا يميل لإستخدام أدوية إدمانية في خطته العلاجية أمر لغاية الأهمية للعديدين. العقل السليم في الجسم السليم.

د.أحمد السالم

يعمل الدكتور أحمد السالم في عيادته وهو طبيب نفسي وأخصائي صحة نفسية. تخرج د. أحمد في كلية الطب / جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 2009 ، وأكمل سنة الامتياز في مستشفيات وزارة الصحة الأردنية عام 2010 ، ثم عمل كطبيب باطني مقيم ، لمدة عام في مستشفيات الخدمات الطبية الملكية في الأردن. في السنوات 2011-2015 اجتاز سنوات الإقامة في الطب النفسي وحصل على شهادتي الجزأين الأول والثاني من امتحان الزمالة البريطانية للطب النفسي 2013-2016 – حاصل على البورد الأردني في الطب النفسي 2015. – مجاز من البورد العربي للطب النفسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button